الخدمة العمومية للإعلام الرسمي بالمغرب: استراتيجياته ورهاناته
ملخص
تدرس الورقة حضور الفاعلين السياسيين والاجتماعيين في محتوى الإعلام الإخباري الرسمي بالمغرب، وحجمه وأشكاله واستراتيجياته، وأبعاده ودلالاته المادية والرمزية، وخلفياته الفكرية والسياسية، والرهانات التي يستند إليها في ضوء السياقات الإعلامية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والجيوستراتيجية الراهنة، وترصد مدى التزام هذا الإعلام بمنطق الخدمة العمومية فيما يخص احترام التعدديَّة السياسية وحقوق المواطنين باختلاف انتماءاتهم السياسية والاجتماعية والثقافية في التمثيل والتعبير عن آرائهم.
تدرس الورقة حضور الفاعلين السياسيين والاجتماعيين في محتوى الإعلام الإخباري الرسمي بالمغرب، وحجمه وأشكاله واستراتيجياته، وأبعاده ودلالاته المادية والرمزية، وخلفياته الفكرية والسياسية، والرهانات التي يستند إليها في ضوء السياقات الإعلامية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والجيوستراتيجية الراهنة، وترصد مدى التزام هذا الإعلام بمنطق الخدمة العمومية فيما يخص احترام التعدديَّة السياسية وحقوق المواطنين باختلاف انتماءاتهم السياسية والاجتماعية والثقافية في التمثيل والتعبير عن آرائهم.
ولدراسة هذه القضايا، استعانت الباحثة بمقاربة الدراسات الثقافية في قراءة المضامين الإعلامية، خاصة تيار ما بعد الكولونيالية؛ لقدرتها على تقديم نظرة نقدية واعية لأشكال السيطرة الثقافية ضمن إطار نظري جديد لدراسة العلاقة بين السلطة والثقافة. من هنا، تصبح المضامين الإخبارية للإعلام الرسمي في المملكة صدًى لأيديولوجيا "الطبقة المهيمنة"؛ وهي عبارة عن نظام من المعاني والممارسات التي تهدف إلى تضليل المجموعات الاجتماعية التي تأخذ بها من خلال "آليات ترميزية"، و"مؤثرات"، و"تنظيمات إعلامية" ذات معانٍ مُحدَّدة مُسبقًا؛ تهدف لإعادة إنتاج المجال الأيديولوجي للمجتمع وبنيته السلطوية. تأسيسًا على هذه المقاربة النظرية، قامت الباحثة بدراسة مسحيَّة كمِّيَّة ونوعيَّة للمضامين الإخبارية في القناة الأولى والثانية، والإذاعة الوطنية والإذاعة الثانية، وصحيفتي الصحراء المغربية ولوماتان خلال الفترة الممتدة بين 18 و25 من يونيو/حزيران 2015.
وخلصت الدراسة إلى أن الخطاب الإعلامي الرسمي في المغرب لا يعكس بصورة محايدة ومتساوية تَعدُّدِيَّة الفاعلين السياسيين والاجتماعيين في المجال العام، ويستند إلى مجموعة من الاستراتيجيات والممارسات الخطابية التي تهدف إلى تعزيز مركزية المؤسسة الملكيَّة كفاعلٍ محوري وأُحادي، ليس في عمليات تسيير شؤون البلاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية فقط؛ بل أيضًا في بناء صورة مثالية للمجتمع ولـ"النموذج المغربي". كما يركِّز ذات الخطاب على الحلول الشكلية، ويتناسى الحلول الاجتماعية والاقتصادية التي تُسهِم في تمكين المواطنين من لعب دور في التنمية، بدل تجاهل قدراتهم وسَوْقهم إلى دوَّامة الصمت التي تحول دون المشاركة في مختلف أشكال الحوار والنقاش الديمقراطي.
وأوضحت الدراسة أنه ضمن هذا النسق السياسي الـمُعَزِّز لمركزية الملَكية، يمكن فَهْم عملية تغييب الأحزاب من المشهد الإعلامي الرسمي (1,5%)، والتي تندرج في إطار رغبة المؤسسة الملكية في احتكار القرار السياسي؛ مما ينتج عنه خلل كبير على مستوى دور المؤسسات الإعلامية، ليس في ضمان حضور كمي ونوعي للأحزاب كفاعلين سياسيين وشركاء في الحكم فقط؛ بل أيضًا على مستوى تصوُّر المواطنين لدور الأحزاب وللسياسة بشكل عام.