واقع ومستقبل الصحف اليومية على شبكة الانترنت دراسة مسحيّة شاملة على رؤساء تحرير الصحف السعودية ذات الطبعات الالكترونية
واقع ومستقبل الصحف اليومية على شبكة الانترنت
دراسة مسحيّة شاملة على رؤساء تحرير الصحف السعودية ذات الطبعات الالكترونية
د. فايز بن عبد الله الشهري
أستاذ الإعلام المساعد/ مركز البحوث والدراسات - كلية الملك فهد الأمنية
***************
بحث مقدم لندوة "الإعلام السعودي سمات الواقع و اتجاهات المستقبل"
المنتدى الإعلامي الأول- الجمعية السعودية للإعلام والاتصال
الرياض/ جامعة الملك سعود - مارس 20-25مارس/2003م
مقدمة
مرت الصحافة المطبوعة عبر مراحل تاريخها المختلفة بتحديات عديدة، كان أهمها ظهور التلفزيون وانتشاره في الخمسينات الميلادية من القرن العشرين، و ظهرت حينها أسئلة ملحة ترددت بين العاملين في قطاع النشر وفي أدبيات الإعلام كانت في عمومها تبحث في مستقبل الصحافة المطبوعة و مدى تهديد التلفزيون لمكانتها في المجتمع، ورغم ذلك فقد تمكنت الصحافة من تجاوز المحنة ومعايشة هذه الوسيلة الجديدة والاحتفاظ بنسبة مهمة من جماهيرها، ولكن التحدي الأكبر الذي واجهته الصحافة في العصر الحديث بدأ بشكل واضح مع ثورة الحاسبات و ما صحابها من توسع في توظيف شبكات المعلومات حيث أخذ التطور معنى جديدا طال الشكل والمضمون والممارسة المهنية بشكل غير مسبوق ضمن نقلة تقنية هائلة شهدها العالم كله مع مطلع التسعينات من القرن الميلادي الماضي تمثلت في ظهور شبكة الانترنت وانتشارها الجماهيري السريع في مختلف أنحاء العالم (شيلر، 2002)
وفي هذا السياق وحيث أن صناعة النشر احد أهم الأنشطة الاقتصادية في عصر المعلومات ونظرا لأن خدمات المعلومات والأخبار على راس قائمة الخدمات التي راجت على الشبكة فقد بدا تأثير التقنيات الحديثة على هذه الصناعة واضحا وملموسا من حيث المنافسة الشرسة على سوق يتناقص تدريجيا من ناحية، ومن ناحية أخرى من حيث التغيرات التي طالت جوانب التوزيع وأساليب إيصال المحتوى إلى الجماهير في ظل شعبية شبكة الانترنت المتزايدة الأمر الذي جعل اللحاق بركب التقنية خيارا لا مفر منه أمام صناعة الصحافة المطبوعة.
ووسط هذا الخضم والتغيرات التقنية المتلاحقة وجدت الصحافة العربية والصحافة السعودية معها – بطبيعة الحال- نفسها أمام تحد تاريخي لا يقتصر على أهمية الإسراع في توظيف هذه التقنيات الجديدة، وإنما يتعداه إلى ظروف منافسة مفتوحة عبر الفضاء (القنوات الإخبارية) وعبر الشاشات (شبكة الانترنت) وهي منافسة لا تقتصر على توظيف أرقى تقنيات الوصول إلى القراء في منازلهم وإنما تتعدى ذلك إلى التنافس حول طبيعة (حرية) المحتوى، وحرفية العمل المهني مع مؤسسات عالمية تضخ ملايين الدولارات من الاستثمارات وعينها على هذه الأسواق الواعدة في العالم الثالث.
وتترافق التحديات التي جلبتها التقنية للصحافة المطبوعة في العالم العربي مع حقيقة أن معظم الصحف العربية عانت (تاريخيا) وتعاني (حاليا) من تراكم العديد من المشكلات التسويقية والتحديات المهنية إلى جانب ضعف قاعدة القراء، وتواضع موارد الإعلان مقارنة مع مثيلاتها في دول العالم. وهذه التحديات – ولاشك- تصب في مصلحة المنافسين مما سيشكل تهديدا مباشرا لبعض المؤسسات الصحفية الصغيرة التي قد تضطر إلى مغادرة ساحة النشر أو البحث عن مجال استثماري جديد، خاصة في ظل مناخ الحريّة الإعلاميّة الذي يسود العالم اليوم و في ظروف دولية أدت إلى رفع الدعم الحكومي عن هذه الصحف.
· المقدمة المنهجية والإطار المرجعي للدراسة
مشكلة الدراسة
ترصد هذه الدراسة مرحلة مهمة في تاريخ الصحافة السعودية التي وضعت لها مواقع على شبكة الانترنت، وعن طريق طرح تساؤلات محددة تسعى لتحقيق هدف الدراسة حيث تكشف مراجعة الأدبيات ذات الصلة إلى أن الأسئلة اليوم في عالم النشر الالكتروني أصبحت تسال عن مصير ومستقبل المهنة، وهل ستحل الانترنت وصحافتها محل الصحافة التقليدية، و مثل هذه القضايا تم التعرض لها في استبانة رؤساء التحرير في هذه الدراسة إدراكا لحجم التحديات المقبلة أمام الصحف السعودية المطبوعة و الالكترونية على حد سواء. وتتواجد –اليوم- من بين الصحف المحلية اليومية العامة الصادرة باللغة العربية (العدد الإجمالي 8) ست صحف على شبكة الانترنت هي: "الجزيرة" و "الرياض" و"الوطن" و"عكاظ "و "اليوم" و " المدينة". والى جانب هذه الصحف تصدر صحيفتين سعوديتين يوميتين باللغة الإنجليزية على شبكة الانترنت هما (Riyadh Daily عن مؤسسة اليمامة وصحيفةSaudi Gazette عن مؤسسة عكاظ. وتغيب صحيفتين عريقتين عن فضاء الانترنت هما صحيفة البلاد وصحيفة الندوة بسبب متاعب إدارية وتسويقية تبدو جلية من تواضع توزيع و إمكانيات الصحيفتين.
أهمية الدراسة
تنبع أهمية هذه الدراسة في الجانب العلمي من حيث أنها تأتي استجابة إلى حاجة المكتبة الإعلامية للمزيد من الدراسات الميدانية في موضوع الصحافة الالكترونية، وقضايا تبني الصحف المطبوعة لوسائط النشر الجديدة، والعلاقة بين الأصول المهنية للصحافة التقليدية والتغييرات التي أحدثتها تقنية الانترنت، كما تكتسب هذه الدراسة أهميتها من الناحية المهنية من حيث أنها تكشف عن السياسات التحريرية والفنية والإدارية المتبعة في عملية النشر عبر الانترنت وبالتالي تبين مدى استقلالية النسخ الالكترونية من الصحف عما اعتاد العاملون في الصحافة إتباعه من تقاليد وأساليب إنتاج الصحف المطبوعة، ومن الناحية التسويقية تكتسب هذه الدراسة أهميتها من جهة أنها تبحث الأسباب والدوافع وراء إطلاق هذه المواقع الالكترونية، وتستوضح أراء وخطط المعنيين المباشرين في مجال النشر الالكتروني حول هذه السوق الواعدة ووضعها من الناحية التجارية فيما يختص بالاشتراكات وموارد الإعلان الالكتروني.
أهداف الدراسة
يهدف الباحث من خلال هذه الدراسة إلى كشف واقع نشر الصحف السعودية اليومية الصادرة باللغة العربية على شبكة الإنترنت، وتبيان الأسباب التي دعت هذه الصحف إلى إطلاق نسخ الكترونية، ومن خلال أراء رؤساء التحرير في مستقبل الصحافة. وبالاستعانة بالأدبيات ذات الصلة تهدف الدراسة أيضا تقديم صورة عامة عن وضع الصحف السعودية الالكترونية، والخدمات التي توفرها مواقعها على شبكة الانترنت. وستستكمل جوانب الدراسة باستثمار الجهود العلمية السابقة، وتوظيفها في تعضيد تحقيق أهداف الدراسة و تفسير نتائج الدراسة الميدانية التي ستعكس الجوانب الإدارية والمهنية للعمل الصحفي في ضوء وجهات نظر رؤساء التحرير- مجتمع الدراسة- عن تجربة النشر عبر شبكة الانترنت.
تساؤلات الدراسة
من اجل أن تحقق الدراسة هدفها الرئيس المتمثل في كشف واقع ومستقبل الصحف السعودية اليوميّة الصادرة باللغة العربية على شبكة الانترنت، وكذلك لتحقيق أهدافها الأخرى المرتبطة بهذا الهدف ستسعى الدراسة إلى الإجابة عن الأسئلة التالية:
· ما هي دوافع الصحف اليومية السعودية نحو إطلاق نسخ الكترونية على الشبكة؟
· ما هي السياسات التحريرية المتبعة في إدارة نسخ الصحف اليومية على شبكة الانترنت؟
· ما هي أوجه العلاقة بين الصحيفة المطبوعة و الصحيفة الالكترونية من وجهة نظر رؤساء التحرير؟
· ما مدى استقلالية شخصية الصحف الالكترونية عن الصحيفة المطبوعة (المحتوى، العاملين، ...)
· ما هي ابرز معوقات قراءة الصحافة الالكترونية من وجهة نظر رؤساء تحرير الصحف السعودية؟
· ما هو مستقبل الصحافة الالكترونية من وجهة نظر رؤساء التحرير؟
منهج الدراسة وأدوات الحصول على المعلومات
المنهج المســتخدم في هذه الدراسة هو المنهج الوصفي التحليلي عن طريق المسح الشامل لأفراد مجتمع الدراسة (كل رؤساء تحرير الصحف السعودية العامة الصادرة باللغة العربية والتي لديها مواقع على الشبكة ) للتعرف على آرائهم حول واقع ومستقبل الصحف السعودية اليومية على شبكة الانترنت. ومن خلال المسح الشامل يمكن للباحث جمع الحقائق والمعلومات عن موضوع الدراسة ومن ثم تحليلها وتفسيرها والوصول إلى تعميمات يمكن قبولها.
وفي سبيل الحصول على المعلومات والآراء من مجتمع الدراسة تم تصميم استبانة خاصة لقياس أراء رؤساء التحرير نحو واقع ومستقبل الصحف السعودية اليوميّة الصادرة باللغة العربية على شبكة الانترنت، وقد وضعت ضمن أسئلة الاستبانة، مجموعة من الأسئلة المفتوحة (8 أسئلة) وذلك لأهميتها في توضيح أراء المبحوثين بشكل أكثر تفصيلا، وكذلك وضعت أسئلة مغلقة باختيارات متعدد مع إفساح المجال للمبحوث لإضافة إجابات أخرى حيثما تقتضي طبيعة السؤال، وقد قسمت استبانة الدراسة إلى محورين رئيسة تتناول الجوانب التالية:
أولا: واقع الصحف الالكترونية ويشمل:
1- الإجراءات الفنية والإدارية المتبعة في إدارة وإنتاج الصحيفة الالكترونية
2- خدمات موقع الصحيفة الالكترونية
3- العلاقة بين الصحيفة الالكترونية والصحيفة المطبوعة
4- علاقة الصحافة الالكترونية مع القاريء والمعلن
ثانيا: مستقبل الصحف الالكترونية ويشمل الجوانب التالية:
5- مستقبل الصحيفة المطبوعة في عصر الصحافة الالكترونية.
6- مستقبل الصحيفة الالكترونية في المملكة
7- الخطط المستقبلية لجذب القراء والمعلنين نحو الصحيفة الالكترونية
وقد تم تحكيم استبانة الدراسة من قبل أستاذين متخصصين في الإعلام[1] للتأكد من الصدق الظاهري من حيث التأكد من أن بنود الاستبانة تقيس ما أعدت من اجله وتتسم بالوضوح ودقة اللفظ والمدلول، وكذلك تم التأكد من صدق المحتوى من حيث شموليّة أداة الدراسة لكافة أبعاد موضوع الدراسة وعدلت بعض الأسئلة والعبارات التي اتفق عليها المحكمان بما يحقق هدف الدراسة.
· الإطار النظري والدارسات السابقة
لمحة تاريخية
خلافا لما هو عليه الحال في كثير من المجتمعات لازالت الصحيفة المطبوعة في المجتمع العربي بعامة شبه غائبة عن الحضور الواضح في النسق الثقافي اليومي للناس بل إن عبارة "كلام جرائد" التي ترد في الخطاب العربي الشعبي تعطي مؤشرا نفسيا يُلخص جزءا من الصورة الذهنية لمحتوى هذه الصحف، وأهميتها المرجعية عند القاريء العربي (الشهري، 2003).
وفي هذا السياق تشير الإحصائيات الدولية إلى ضعف استهلاك الصحف اليومية في كثير من الأقطار العربية مقارنة بكثير من بلدان العالم (انظر جدول 1 ). و يمكن أن يعزى سبب تواضع أرقام توزيع الصحف العربية إلى العديد من العوامل لعل من أبرزها ارتفاع نسبة الأمية في كثير من البلدان العربية حيث يوجد حسب التقرير الاقتصادي العربي الموحد ما يعادل 70 مليون أمي عربي، وتصل نسبة الأمية في بلد عربي مثل موريتانيا إلى ما يزيد عن نصف عدد السكان (53٪).
كما يمكن أن يعزى تراجع مقروئية الصحف العربية أيضا إلى كثرة المحاذير السياسية والرقابية التي ساهمت في إعاقة انطلاقة مسيرة الصحافة العربية منذ سنوات نشأتها الأولى في القرن التاسع عشر، حين كان معظم الدول العربية – آنذاك- خاضعة إما للخلافة العثمانية أو بشكل أو بآخر للاستعمار الأوروبي. و ربّما هذا ما برّر الهجرة (الأولى) لبعض الصحف العربية إلى خارج الوطن العربي بين الأعوام 1800- 1929م بحيث أصدر العرب في المهاجر (خارج حدود الوطن العربي) آنذاك قرابة 205 صحيفة ومجلة في الأمريكتين و 107 في أوروبا من بين 3.023 مجلة تصدر حينها كما أوردها مؤرخ الصحافة العربية فيليب طرازي (طرازي،1929 م)
جدول (1) توزيع الصحف اليومية بالنسبة لعدد السكان
في العالم العربي مقارنة مع بعض دول العالم (1994)
العرب | عدد النسخ لكل ألف من السكان | العالم | ||
عدد النسخ | الترتيب | عدد النسخ | ||
الكويت | 387 | 1 | 735 | هونغ كونغ |
الإمارات | 136 | 2 | 596 | النرويج |
لبنان | 110 | 3 | 576 | اليابان |
السعودية | 58 | 4 | 468 | فنلندا |
الجزائر | 51 | 5 | 460 | السويد |
الأردن | 47 | 6 | 394 | كوريا |
تونس | 45 | 7 | 371 | سويسرا |
مصر | 43 | 8 | 344 | بريطانيا |
عمان | 29 | 9 | 329 | هولندا |
العراق | 26 | 10 | 316 | بلجيكا |
السودان | 24 | 11 | 313 | ألمانيا |
سوريا | 19 | 12 | 308 | الدنمرك |
اليمن | 15 | 13 | 301 | سنغافوره |
المغرب | 15 | 14 | 299 | رومانيا |
ليبيا | 13 | 15 | 298 | النمسا |
الصومال | 1 | 16 | 296 | التشيك |
موريتانيا | 1 | 17 | 271 | اسرائيل |
المصدر الشهري (2003)
وهكذا ظلت حظوظ الصحف العربية بين مد وجزر تبعا للأحوال السياسية والاقتصادية فيما بين الحربين العالميتين، ونتيجة التأثيرات السياسية المتناقضة أحيانا على العلاقات العربية – العربية في فترة الحرب الباردة (انظر Walter, 2000: Boyd, 1999 )نتيجة استقطاب أيدلوجيات الدول الكبرى لبعض الأنظمة، والمفكرين والصحفيين فقد تأثرت مقروئية الصحافة العربية بشكل كبير خاصة في مجال محدودية قاعدة القراء حيث أُشغلت الصحافة العربية عبر هذه الحقب السياسية بتيارات كل مرحلة ولونها السياسي والأيدلوجي (انظر هيكل، 1985: Rugh,1987: القرني، 2002). و ربما هذا احد أسباب قيام بعض الصحفيين العرب بموجة ثانية من الهجرة (إلى لندن وباريس بشكل أكثر تحديدا ) في النصف الثاني من السبعينات (بسبب الحرب اللبنانية) ، ثم بشكل اكبر في الثمانينات (نتيجة الخلافات العربية) ومع هذه الموجة ظهر نوع من المحتوى الإعلامي المهجري الجديد اكتسب قوة مؤثرة في العالم العربي وان لم يخل من مظاهر الاستمالات والتجاذبات من قبل القوى السياسة العربية المتناقضة. ( أنظر Alshehri , 2000 : 1998 Mowlana , عبد الرحمن، 1989م).
وفي المملكة العربية السعودية عرفت منطقة الحجاز الصحافة منذ وقت مبكر في العهدين العثماني والهاشمي، ولكن تاريخ الصحافة السعودية يعود إلى 15 جمادى الأولى 1343هـ الموافق 12 كانون أول (ديسمبر) 1924م وهو عام دخول الملك عبد العزيز مكة المكرمة حيث أصدر توجيهاته بصدور صحيفة أم القرى لتكون أول صحيفة حكومية تصدر في العهد السعودي واستمرت الصحف تصدر فيما عرف بصحافة الأفراد[2] حتى المرحلة الثانية في تاريخ الصحافة السعودية التي عرفت بمرحلة الاندماج أو الدمج ، إذ تم إصدار نظام يشجع اندماج كل صحيفتين أو أكثر لتصدر في صحيفة واحدة إما بمسمى جديد أو إبقاء اسم إحدى الصحف المندمجة وذلك نهاية الخمسينات الميلادية (الشامخ،1981). واستمرت هذه المرحلة حتى عام 1383هـ حيث صدر نظام المؤسسات الصحفية الذي انتظم به العمل الصحفي تحت مؤسسات صحفية، وشهدت التنظيمات الحكومية بعد هذه المرحلة إصدار نظام السياسة الإعلامية في 20/10/1402هـ، ونظام المطبوعات والنشر وتاريخ 1/9/1421هـ، ونظام المؤسسات الصحفية الجديد في 25/4/1422هـ. وكانت مؤسسة عسير للصحافة والطباعة والنشر التي تتخذ من مدينة أبها مقرا لها آخر المؤسسات الصحفية التي أصدرت صحيفتها " الوطن " اليومية في 1 شعبان 1421 الموافق 28 أكتوبر 2000م (الشهري،2003).
وحظيت الصحف السعودية خلال مراحل تطورها بدعم الدولة لها (انظر العسكر، 1424) في العديد من المجالات مثل تخصيص قطع أراض مجانية والمساعدة في الحصول على قروض لبناء مقرات، كما حظيت الصحف بالإعفاءات الجمركية على مستلزمات الورق والطباعة والمعدات المختلفة، وتدفع الصحف رسوما رمزية مقابل النقل بواسطة البريد أو أسطول الخطوط السعودية المملوك للدولة كما أن الحكومة تشتري مساحات للإعلان سنويا من كل الصحف المحلية.
الصحافة السعودية وتأثيرات التقنية
طالت التقنية الحديثة الكثير من جوانب العمل الصحفي في كثير من أقطار العالم العربي (اللبان، 2001 ) والمملكة لم تكن استثناء في ذلك حيث وُظِّفت برامج النشر المكتبي وتقنيات الطباعة الحديثة منذ مطلع الثمانينات بشكل واضح خاصة مع تطور البرمجيات وأنظمة التشغيل ودخول شركات عالمية وعربية في مجال تطوير التطبيقات وحلول النص العربي. ولكن الإرث الثقيل الذي حملته الصحافة العربية عموما والسعودية جزء منها جراء طول دورة الإجراءات الإدارية الروتينية في حركة المعلومات والأخبار، إضافة إلى ضعف شبكات التوزيع الذي أدى إلى تواضع قاعدة قراء معظم الصحف، وكذلك مشكلات الرقابة الرسمية التي بقيت من أهم العوائق التي حدّت من انطلاق الصحافة العربية المكتوبة طوال تاريخها.
ولكن مع التقدم التقني الهائل وثورة المعلومات والاتصالات تمكنت الصحافة إلى حد كبير من التغلب على بعض عوائق التوزيع وفتحت بذلك المجال للصحف للوصول إلى جماهير أوسع والاهم من هذا كله أن الرقابة أصبحت في عصر التقنية كما يرى القاضي (1999)بلا معنى، أو أنها غير فعالة الأمر الذي فتح الباب -نتيجة الواقع التقني- لإعطاء مساحة حرية أوسع للصحافة المطبوعة والإعلام العربي بشكل عام (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، 1991). وقد بدأت تباشير تأثير التقنية هذه في العالم العربي بشكل عام منذ مطلع التسعينات تحديدا حين أقبل الناس على شراء أطباق استقبال بث الأقمار الاصطناعية واستقبال محطات البث العابر للحدود القومية والثقافية مما مكن الناس من الحصول على آخر الأنباء خالية من الرقابة الرسمية (المحلية على الأقل)، وهو الأمر الذي مهد لثقافة رقابية عربية اقل تعنتا من السابق، وبالتالي دفع الصحافة المكتوبة لتنطلق بقيود اقل ومساحة حرية تعبير أفضل (الشهري، 2003م). و يقولMicke Stine و Barbi Weinberg ، في مقدمة دراسة أجراها Alterman (1988) حول الإعلام الجديد في العالم العربي، أنه " بالرغم من سطوة الحكومات التي هيمنت على الإعلام لفترة طويلة في العالم العربي، إلا أن التكنولوجيا الحديثة أحدثت أثرا ملموسا (ص . 10). وهذا الكلام صحيح إلى حد بعيد, ليس فقط بعد توظيف الانترنت التي أحدثت لوحدها ثورة كبرى في مفاهيم العمل الصحفي، ولكن حتى قبل ذلك عندما وظف بعض الناشرين السعوديين تكنولوجيا الأقمار الاصطناعية في نقل وتوزيع الصحف عبر القارات. وخير مثال لذلك تجربة الأخوين هشام ومحمد حافظ في إصدار صحيفة الشرق الأوسط اليومية عام 1978م حيث وظّفا الفاكس ثم الأقمار الاصطناعية (فيما بعد) لنقل الصحيفة من مقرها في لندن إلى دور النشر في العالم العربي، مما مكن الصحيفة من أن تنشر في نفس اليوم في العديد من الدول العربية (وبعض دول العالم) متغلبين على عوائق الطبع، والتوزيع (لقمان، 1997).
ولقد شجع نجاح صحيفة الشرق الأوسط الناشرين الآخرين على إتباع نفس النهج، مثل صحيفة الحياة عام 1988 وغيرها من المطبوعات الأقل أهمية التي شكلت ملامح ما يسمى الصحافة العربية المهاجرة أو ما يعرف بـ" " Pan-Arab Media (Alshehri,2000). ويعتبر نموذج صحيفتي الشرق الأوسط والحياة أو ما يسميه Schleifer (1998) "الصحيفة اليوميّة المنقولة بالقمر الاصطناعي" أول اثر كبير للتقنية الحديثة على الصحافة العربية في نهاية القرن الماضي.
الصحافة السعودية في عصر الانترنت
رغم أن المملكة العربية السعودية عرفت شبكة الانترنت منذ عام 1994 بواسطة بعض المؤسسات الطبية (المستشفى التخصصي) والأكاديمية (مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية) ألا أنها لم تفتح بشكل رسمي إلا بعد أربع سنوات تقريبا من هذا التاريخ. وقد انتشرت شبكة الانترنت في المملكة العربية السعودية ومعها الصحف الالكترونية.
ورغم كل الظروف لم يتوقّف ناشرو الصحف العربية والسعودية عن محاولات اللحاق بركب التقنية ضمن محاولاتهم للتغلب على مشكلات النشر العربي المزمنة، وكان توظيف التقنيات الحديثة في العمل الإعلامي واضحا في مسيرة الصحافة العربية والسعودية وهو ما جعل تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2002م يشير بايجابية إلى تجربة الصحافة العربية (دون غيرها من القطاعات التجارية العربية) في أخذ مركز الريادة في مجال النشر الالكتروني وإنشاء مواقع للصحف على شبكة الإنترنت (UNDP, 2002). ولكن هذا ليس كل شيء فتأسيسا على حقائق الظروف الثقافية والسياسية والاجتماعية العربية يمكن القول بأن اتجاه الصحف السعودية والعربية نحو النشر على شبكة الانترنت لا يعني من وجهة النظر التجارية سوى زيادة التبعات الفنيّة والماديّة، ودخول معترك جديد في فضاء الانترنت المفتوح الذي هو في حقيقة الأمر حلبة صراع حام لا ِقبل لبعض الصحف الصغيرة به، وهذا كله تحد صعب يزيد من أعباء الصحف السعودية والعربية (المالية، الرقابية، الإدارية) والتي أثقلت كاهلها ردحا من الزمن.
ولكن أبرز التحديات الجديدة التي واجهتها الصحف السعودية والعربية من الناحية الفنية خاصة – والخارجة عن سيطرتها – برزت منذ أوائل التسعينات مع ظهور شبكة الانترنت تحديدا وتمثلت في ضعف حلول النص العربي وندرة البرمجيات العربيّة في مجال تصفح الانترنت، إضافة إلى ضعف قاعدة مستخدمي الانترنت العرب، مع هذا فقد حاولت هذه الصحف مواكبة الاتجاه العالمي نحو التواجد على شبكة الانترنت منذ عام 1995 م تحديدا حيث ظهرت صحيفة الشرق الأوسط على الشبكة في شهر ديسمبر من العام ذاته. وبعدها تزايد عدد الصحف العربية على الانترنت حتى بلغ العدد مع مطلع عام 2000م حوالي 65 صحيفة ((Alshehri, 2000ثم لحقت بقيّة الصحف الإخباريّة العربيّة المنتظمة الصدور بعربة الانترنت ليصل العدد مع نهاية عام 2002 م رقما يقترب من 125 صحيفة (يوميّة وأسبوعيّة) (الشهري، 2003 م)، وساهم في دعم هذا التوجه عوامل عدة منها التكلفة الزهيدة نسبيا لإنشاء وصيانة موقع الكتروني، وتطور برمجيات النشر العربي وانتشار شبكة الانترنت.
وقد شاركت الصحف المحليّة السعودية في هذا السباق التقني بشكل واضح، وكانت صحيفة "الجزيرة" أول المبادرين حين أطلقت نسختها الالكترونية في شهر ابريل من عام 1997 قبل تدشين شبكة الانترنت رسميا في المملكة (دشّنت نهاية 1998) ثم تلتها "المدينة" في تجربة لم يكتب لها النجاح في العام نفسه ثم لحقت فيما بعد بقية الصحف مثل "الرياض" (مارس 1999) و"الوطن" (نوفمبر 2000) ثم "عكاظ" (يناير 2001 ) ثم لحقت "المدينة" مرة أخرى و"اليوم" في عام 2002م (الحمود والعسكر 2002). وهذه الوجهة الجديدة تمثل مرحلة مهمة في تاريخ الصحافة حيث واجهت النسخ الالكترونية من الصحف السعودية (وتواجه) تحديات جديدة في ظل مناخ تنافسي قوي مع هذا العدد المهول من الخدمات الإعلامية المجانية على شبكة الانترنت.
و في ضوء هذه التحديات يمكن رصد ابرز ملامح المنافسة والتحديات أمام الصحف السعودية والعربية الالكترونية على شبكة الانترنت على النحو التالي:
أولا: منافسة مصادر الأخبار والمعلومات المحلية
وتتمثل المنافسة على السوق المحلي بشكل جلي في ظهور ثلاثة أنواع رئيسة من المنافسة هما: أولا:المنافسون الجدد من خارج المؤسسات الإعلامية التقليدية الذين أسسوا مواقع إخبارية مجانية مثل مزودي خدمات الانترنت أو مواقع الأخبار المتخصصة مثل موقع "الجريدة"(aljareedah.com )و موقع "إيلاف" (elaph.com)، إضافة إلى الخدمات الصحفية المنافسة تقدمها البوابات الشاملة مثل خدمات "Arabia online" و "بنسيج" و "Planet Arabia" و "البوابة" ، و "عجيب" والعشرات من المواقع الإخبارية الأخرى (بوشحيط ،2002: الشهري، 2003 ) .
ثانيا: المنافسون التقليديون، وهي الصحف المحلية الأخرى التي كانت معوقات النقل والجغرافيا لا تسمح بتوزيع نسخها المطبوعة بشكل منافس في غير مدن الصدور وبالتالي وجدت في بناء موقع لها على الانترنت مجالا فعالا للوصول إلى مواقع جغرافية جديدة، وبالتالي كسب ولاءات في غير مناطق نفوذها التسويقي.
ثالثا: المنافسة من مواقع إعلامية أخرى مثل مواقع وكالات الأنباء حيث يمكن للمتصفح زيارة موقع وكالة الأنباء السعودية مثلا وقراءة آخر الأخبار دون الحاجة إلى وسيط ناقل لهذه المعلومات، كذلك بعض مواقع محطات الإذاعة والتلفزيون على الشبكة حيث تتميز بعضها بغزارة وجدة المحتوى الإخباري على الموقع.
وقد تميزت معظم هذه الخدمات الجديدة بأنها لا تنحصر في تقديم آخر الأنباء السياسية وعلى مدار الساعة فقط بل تقدم أيضاً معلومات اقتصادية وثقافية ورياضية (بوشحيط ،2002)إضافة إلى خدمات محركات بحث ومنتديات نقاش وتعدتها أيضا إلى توفير خدمات البريد الالكتروني المجاني والأخبار عند الطلب News on-Demand وهناك من طور خدماته بحيث يمكن عبر الموقع إرسال الرسائل القصيرة للهواتف الخلوية مثلا، أو تلقي عناوين آخر الأخبار وكثير من الخدمات ذات الطبيعة التقنية.
ثانيا: منافسة مصادر الأخبار والمعلومات الدوليّة
حتى وقت قريب كان المواطن العربي مستسلما أمام حصته الإعلامية والإخبارية التي تاتيه عبر القنوات الإعلامية الرسمية إلى أن ظهرت ثورة البث المباشر مع مطلع التسعينات التي استجاب لها المواطن العربي بشراء مستلزمات استقبال هذه القنوات الوافدة. واليوم لم تعد القنوات الفضائية ومصادر الإذاعات الدولية المنافس اللدود الوحيد للإعلام العربي الإخباري حيث قدمت شبكة الانترنت لمستخدميها سلّة متنوعة من خدمات الأخبار والمعلومات المجانية (من كل مكان) على مدار الساعة فيما يسميه Shapiro (1999) بثورة التحكم (The control revolution) التي مكنت الجماهير من التحكم في الوسيلة والمحتوى. ومن بين هذه المواقع الأجنبية نسبة لا بأس بها تقدم خدمة الأخبار والمعلومات باللغة العربية، وبشكل احترافي منافس.
كما تصدر بعض المؤسسات الإعلامية الغربية الشهيرة طبعات عربية من مطبوعاتها مثل مجلة "Newsweek" ومجلة "Foreign Affairs" علاوة على العديد من الإصدارات الكترونية باللغة العربية التي تتبع لمؤسسات إعلامية عريقة مثل هيئة الإذاعة البريطانية "BBC" و شبكة "CNN" الأمريكية، و شركة ميكروسوفت (MS-NBC) بعد شرائها شركة " NBC". وحتى الناشرون الفرنسيون دخلوا في المنافسة حيث تصدر طبعة عربية من أسبوعيّة "LeMonde Diplomatique" الفرنسية على هيئة مطبوعة والكترونية مع غيرها من المواقع الإعلامية لدول ومنظمات تستهدف الناطقين باللغة العربية، وتحدث محتواها على الشبكة على مدار الساعة (الشهري، 2003 م). وهذه السوق الإعلامية وان كانت جعلت الخيارات الإعلامية أمام القاري العربي متعددة وحرة وثرية إلا أنها تضاعف من مشكلات المؤسسات الصحفية المحلية التي تعاني كثير منها من شحّ الموارد، وزهد القراء والمعلنين فيها.
الشكل (1) الخيارات الإخبارية المتوفرة أمام مستخدم الإنترنت

المصدر: الشهري 2003
ثالثا: توظيف التقنية في المجتمع
تعتمد الصحافة الحديثة بشكل كبير على التقنية الحديثة وشيوعها وجماهيريتها، والصحف الالكترونية بشكل خاص منتج الكتروني يظهر ويوزع الكترونيا ويقرأه الناس عبر وسائط الكترونية، و من هذا المنطلق لا يمكن أن تزدهر الصحافة السعودية والعربية على شبكة الانترنت ما لم تتحقق ابسط الشروط التي تكفل انتشار الانترنت في العالم العربي للحد المعقول الذي يجعل للمستثمرين يأملون بسوق واعد حتى وان تأخر أوانه. و لكن الوضع الراهن يبين أن الوصول إلى الانترنت في معظم المجتمعات العربية لازال حلما لا يمكن أن يحققه الكثيرون ناهيك عن صعوبة الوصول إلى أهم متطلبات الاتصال بالشبكة التي تتلخص في خط هاتفي، و جهاز حاسب واشتراك انترنت بتكلفة معقولة. و هذا مؤشر على ضعف تبني التقنية في المجتمعات العربية نتيجة لعوامل عديدة وبحسب الإحصائيات الدولية التي نشرها البنك الدولي فلازال العالم العربي (إجمالا) يعاني من اتساع الفجوة الرقمية بين سكانه وبقية سكان العالم (انظر شكل 2). ويعزى سبب تراجع مؤشرات توظيف التقنية في البلدان العربية إلى العديد الأسباب من أهمها، ضعف أو عدم وجود خطط واستراتيجيات وطنية لنشر التقنية، ضعف البنية الأساسية لشبكة الاتصالات، وارتفاع نسبة أمية التعليم العام، والأمية التقنية إضافة إلى تواضع مستوى دخل الفرد العربي.
شكل (2) مؤشرات الفجوة الرقمية بين البلدان العربية ومناطق أخرى من العالم النامي

المصدر: (البنك الدولي، 2001) نقلا عن UNDP Report,2002
ونظرا لمجمل هذه المعوقات فإن العدد الحقيقي لمستخدمي الانترنت العرب كما يشير تقرير حديث لمؤسسة الأبحاث الدولية (greach.com) لا يتجاوز 5.5 مليون شخص أي بنسبة تقل عن 1٪ من عدد مستخدمي الانترنت في العالم الذين يقدر عددهم بحوالي ستمائة مليون إنسان (انظر جدول 2). ويؤكد تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2002 الذي نشره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي هذه الحقيقة مشيرا إلى أن استخدام المعلوماتية في الدول العربية أقل من أي منطقة أخرى في العالم، حيث لا تتجاوز نسبة مستخدمي الإنترنت 6,0٪، من بين سكان الوطن العربي ويملك 2,1٪ فقط من المواطنين العرب حاسوباً شخصياً. (UNDP,2002).
جدول (2) مستخدمي الانترنت حول العالم حتى شهر سبتمبر 2002
القارة/ المنطقة | العدد/مليون | الترتيب |
كندا والولايات المتحدة | 182.67 | 1 |
آسيا/الباسيفيك | 187.24 | 2 |
أوروبا | 190.91 | 3 |
أمريكا اللاتينية | 33.35 | 4 |
أفريقيا | 6.31 | 5 |
الشرق الأوسط | 5.12 | 6 |
المجموع (العالم) | 605.60 | -- |
المصدر: Nua Internet Surveys (http://www.nua.ie/surveys)
وفي المملكة العربية السعودية ومع أن نمو استخدامات شبكة الانترنت يبدو بشكل واضح (العربي،2002) إلا أن أرقام مستخدمي الانترنت لازالت متواضعة قياسا بعدد السكان (انظر جدول 3) رغم أن الدراسات تشير إلى أن السوق السعودي يعد من أسرع الأسواق نموا في مجال تقنية المعلومات والحاسبات في المنطقة إذ أن التقديرات الأخيرة إلى أن القطاع التقني في المملكة ينمو بنسبة 14.37٪ بتوقع مبيعات تصل إلى أكثر من 15مليار ريال سعودي نهاية عام هـ1423 (الجبرين، 1423) وتشير المصادر إلى أن السوق السعودية تستحوذ على 40٪ من مبيعات تكنولوجيا المعلومات في منطقة الخليج، (جريدة البيان ، 17 ديسمبر 2001).
جدول (3) نمو الانترنت في المملكة العربية السعودية 1999 -2001 م
المصدر | العدد | ٪ إلى عدد السكان | الشهر / السنة |
Ajeeb.com | 570.000 | 2.59 | مارس 2001 |
ditnet.co.ae | 300.000 | 1.4 | مارس 2000 |
ditnet.co.ae | 112.500 | 0.52 | مايو 1999 |
الصحافة السعودية ظروف الواقع وتحديات المستقبل
واقع الصحف السعودية
الصحافة نشاط تجاري يبحث عن الربح ويتفادى الخسارة، وطرفي المعادلة اللذان تنصب عليهما خطط تسويق الصحف هما القاريء ويتبعه المعلن. فبالإضافة إلى التحديات التي سبق الإشارة إليها، تأثرت مقروئية الصحف المحلية التي تصدر تحت قانون المطبوعات السعودي في العقود الماضية بعوامل المنافسة الخارجية على سوق ضعيف أصلا، وتأتي هذه المنافسة من إقبال شريحة مهمة من القراء والمعلنين على بعض المطبوعات العربيّة وبعض الإصدارات السعودية الدوليّة التي تتحرر من قيود قانون المطبوعات وتظهر بشكل أكثر جاذبية وإثارة لفضول القاريء المحلي في منافسة غير عادلة مع الصحف المحلية.
ومن جهة ثانية تبدو الأجيال الجديدة (حتى في كثير من بلدان العالم) لظروف ثقافيّة واقتصاديّة اقل ارتباطا بالصحف المطبوعة وهذا مما يضاعف من تحديات الصحافة السعودية والعربيّة ففي العالم العربي تبلغ نسبة الشباب تحت سن 14 سنة قريبا من 39٪ UNDP, 2002)) وفي المملكة –تحديدا- ترتفع نسبة الشباب لأكثر من نصف ليصل عدد الشباب تحت سن 24 حوالي 65٪. من إجمالي عدد السكان (انظر جدول 4). وهذا ربما يفسر مع غيره من العوامل بعض أسباب تراجع أرقام توزيع الصحف في السنوات الأخيرة حين كان المتوسط اليومي للنسخ المباعة من الصحف السعوديّة مجتمعة[3]، خلال عام 1420-1421هـ،حوالي 248.600 نسخة يومياً تراجع هذا المتوسط خلال العام التالي 1421-1422هـ إلى 230.300 نسخة يومياً (العسكر، 1424هـ).
ومن جهة سوق الإعلان يشير العسكر والشهري (2003) إلى أن إيرادات الصحف السعوديّة، مجتمعة تأثرت بمنافسة ومزاحمة الوسائل العربيّة (الخارجية) التي اقتطعت نسبة مهمة من حصتها من سوق الإعلان في المملكة، علاوة على تراجع نسبة النمو في الإنفاق الإعلاني في المملكة بشكل عام خلال عام 2002م، مقارنة بعام 2001، حيث تراجعت السوق الإعلانية السعوديّة إلى المرتبة الأخيرة، من حيث حجم النمو، مقارنة مع بقية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، بنسبة بلغت 14.4٪ فقط، في حين تجاوزت نسبة النمو الإجمالي للسوق الإعلانية في هذه الدول 26.1٪ (العسكر والشهري، 2003)
جدول (4) الفئات العمرية للشباب السعوديين (من الجنسين) تحت سن 24 سنة
لفئة العمرية | العدد |
اقل من سنة | 479637 |
1-4 | 2066312 |
5 -9 | 2454994 |
10-14 | 2051481 |
15-19 | 1741832 |
20-24 | 1393349 |
المجموع (السكان تحت سن 24) | 10187605 |
إجمالي عدد السكان السعوديين | 15588805 |
٪ للشباب السعوديين من الجنسين تحت سن 24 سنة | 65٪ |
الدراسات السابقة
بشكل عام يمكن القول بأن الدراسات العربيّة لازالت شحيحة في مجالات تطبيقات الانترنت بشكل عام، وتبدو قلّة الدراسات أكثر وضوحا في مجال الصحافة الالكترونية العربية على شبكة الانترنت، ويبدو هذا الشح العلمي بشكل أكثر تحديدا في الدراسات التي تتوجّه لتجربة نشر الصحافة السعودية اليومية لنسخ الكترونية على شبكة الانترنت. وقد يبرر ذلك حداثة التجربة وعدم وضوح المنهج العلمي فيما يختص بتحليل مضامين الصحافة الالكترونية وتتبع خصائصها الفنية وطريقة وطبيعة المحتوى بشكل يساعد على إجراء دراسات منهجية منضبطة. وتتضح الصعوبة بشكل أوضح عند محاولة الوصول إلى أصحاب القرار الأول في الصحف اليومية وهم رؤساء التحرير، حيث يعاني الباحث من صعوبة مقابلة رؤساء التحرير لاحتجاجهم بضيق الوقت والسفر في رحلات العمل التي لا تتوقف، وهو من ضمن صعوبات هذه الدراسة التي واجهت الباحث، ونتيجة لذلك كله فقد بدت الدراسات في مجال سبر اتجاهات وأراء رؤساء التحرير شبه منعدمة لمثل هذه الأسباب وغيرها.
ومن أحدث الدراسات التي تناولت بعض جوانب هذه الدراسة بعنوان:"إصدارات الصحف السعودية المطبوعة على الإنترنت في ضوء السمات الاتصالية للصحافة الإلكترونية" التي أجراها الحمود والعسكر (2002) على المسئولين عن النسخ الإلكترونية التي تصدرها الصحف السعودية (الجزيرة، الرياض، الوطن، عكاظ). وقد حدد الباحثان هدف الدراسة الرئيس بتقويم مدى تناسب الخدمات الصحفية المقدمة في إصدارات الصحف السعودية اليومية المطبوعة على الإنترنت مع الطبيعة الاتصالية الخاصة بالصحافة الإلكترونية. ومن خلال إجابة تساؤلات الدراسة قدم الباحثان صورة (profile) للصحف السعودية المتواجدة على شبكة الانترنت من حيث بدايات الصحف السعودية اليومية المطبوعة في نشر إصداراتها على شبكة الإنترنت و الأهداف التي تسعى لتحقيها، مع توصيف فني للخدمات الصحفية وتوظيف الاتصال التفاعلي، والوسائط المتعددة ووقت التزام الصحف بتحديث موادها الإخبارية على نسختها الالكترونية على شبكة الانترنت.
وقد كشفت الدراسة أنه على رغم تميّز الإصدارات الإلكترونية السعودية ومحاولتها تقديم خدمات اتصالية حديثة، إلا أن تقويم هذه الإصدارات وفقاً للسمات الاتصالية للصحافة الإلكترونية، تبين أنها لا تخرج عن كون هذه النسخ الإلكترونية قدتم تكييفها مع النمط التقني الجديد لتقديم الخدمة الصحفيّة نفسها المقدمة في النسخ المطبوعة. كما تبين الدراسة محدودية المسؤوليات التحريرية للعاملين في الطبعات الالكترونية، التي تقتصر على تلخيص بعض الموضوعات أو إعادة صياغة عناوينها، دون العمل على إعداد موضوعات خاصة بالإصدارات الإلكترونية. ومما كشفته الدراسة عدم مراعاة المضمون المنشور في الصحف الالكترونية السعودية للطبيعة الاتصالية الخاصة بالصحافة الإلكترونية، من خلال طغيان المضمون المحلي (في وسيلة عالمية)، وطول الموضوعات المنشورة (النشر على الانترنت يقتضي الاختصار)، وكذلك عدم الربط المباشر بالموضوعات المتصلة أو بمركز المعلومات الخاص بالصحيفة، وفي جانب الإعلان تكشف الدراسة قلة المواد الإعلانية المنشورة في هذه الإصدارات. ومن أهم ما تكشفه الدراسة ضعف الخدمات التفاعلية المتاحة في هذه الإصدارات عدا البريد الإليكتروني، الذي تستخدمه جميع الصحف، كذلك غياب آليات واضحة لتحديث النسخ الإلكترونية، وعدم الاستفادة من تقنية الوسائط المتعددة بالشكل المعقول.وفي ضوء نتائج دراستهما يوص الباحثان الصحف لإلكترونية السعودية، بأهمية النظر إلى النشر الإليكتروني كنمط اتصالي مستقل عن النشر المطبوع من حيث مضامينه، وجماهيره من خلال إعادة النظر في أهداف وسياسات إصداراتها الإلكترونية وكذلك العمل على استقلالية الأجهزة التحريرية والإنتاجية للإصدارات الإلكترونية وإنشاء مراكز معلومات حديثة، وتطوير الخدمات التفاعلية، ومن أهم توصيات الدراسة حث الصحف على التعرف الدقيق على جماهير الإصدارات الإلكترونية للصحف السعودية، من حيث: سماتهم، وعاداتهم القرائية، وحاجاتهم الاتصالية، .... ، وذلك بغية إعداد مضامين وأشكال هذه الإصدارات بناء على معرفة دقيقة بالجماهير المستهدفة بعملها المهني، مع أهمية مبادرة الصحف لاستخدام أحدث أساليب وأدوات قياس مقروئية الصحف الإلكترونية.
وتبدو دراسة Alshehri (2000) عن الصحافة الالكترونية العربية من الدراسات المبكرة في هذا المجال سواء من حيث نطاقها الجغرافي والصحفي (كافة الصحف الالكترونية العربية) أو مجالها الموضوعي (الشكل الفني للصحف، آراء القراء، آراء الناشرين ورؤساء التحرير). ويرصد الباحث في دراسته مراحل تطور الصحافة الالكترونية العربية وتبنيها للتقنيات بما فيها الصحف السعودية التي كانت على شبكة الانترنت وقت دراسته. وتكشف استجابات الناشرين ورؤساء التحرير في هذه الدراسة أن عام 1997 قد شهد بداية التفات الناشرين العرب للشبكة حيث زادت أعداد الصحف العربية على الانترنت من 4 صحف عام1995 1 إلى خمسة أضعاف هذا الرقم تقريبا عام 1997. ويبين الباحث أنه لم يكن هناك أية صحيفة عربية على الإنترنت قبل عام 1995. وتكشف الدراسة أن معظم الناشرين العرب وضعوا صحفهم على الشبكة دون دراسة أو تخطيط شامل، وان الناشرين يعلمون أن القراء لا يحبذون مسالة فرض الرسوم على قراءة الصحف الالكترونية، وعن
وعن مستقبل الصحافة.
كما أجرت Singer & Others دراسة مسحيّة شاملة عام 1998 شملت 466 صحفيا من عدد من الصحف الأمريكية (مطبوعة والكترونية) وهدفت دراسة Singer، إلى التعرف على القضايا المرتبطة بمستقبل وواقع الصحف الأمريكية ومهنة الصحافة من حيث التوظيف في مجال النشر الإلكتروني، والرواتب ومستويات الخبرة وتصنيفات العمل ومزاياه. وقد كشفت النتائج الكلية إلى أن أعداد موظفي الصحف الالكترونية لا يزال قليلاً، وأن الرواتب والمزايا تتساوى تقريباً مع تلك التي لموظفي الصحف المطبوعة على الورق في الوظائف المماثلة. ولقد عبر محررو الصحف التي على الإنترنت عن قلقهم من الضغوط نحو التحول إلى فقدان أعمالهم، وكذلك أبدت نسبة مهمة من عينة الدراسة من العاملين في الصحف الالكترونية عن قلق ظاهر من النظرة السلبية تجاههم وكأنهم مواطنون من الدرجة الثانية، جراء النظرات غير المستحبة التي يرمقهم بها زملائهم في الصحف المطبوعة على الورق.
وأظهرت الدراسة أيضاً أن أهم اهتمامات رؤساء تحرير الصحف المطبوعة تتركز حول محتوى المادة الإخبارية وقضايا التوظيف. وفي هذا السياق تكشف الدراسة أن البعض كان مهتماً بالعثور على صحفيين مؤهلين وتوظيفهم والاحتفاظ بهم. وكان الاهتمام الرئيسي لرؤساء تحرير صحف الانترنت هو العثور على نوعية معينة من العاملين متعددي المواهب الذين يستطيعون التعامل مع التقنية الحدية ومع متطلبات الصحافة. وهذه النتيجة تؤيد الاقتراح القائل بأن حديثي التخرج من الجامعات قد تكون لديهم فرصة في العثور على عمل إذا كانت لديهم القدرة والرغبة في العمل على مواد على الإنترنت. ولقد ذكر الباحثون مجالين برزا في تعليقات رؤساء تحرير صحف الانترنت، ولم يأت على ذكرهما محررو الصحف المطبوعة وهما: (1) العلاقة بين موظفي الصحيفة المطبوعة وموظفي الصحف الالكترونية (2) الاهتمام بأن تؤتي جهودهم في النشر ثمارها على شكل عوائد مادية. ولقد كان للناشرين على الإنترنت أيضاً نظرة مختلفة إلى قضايا محتوى المادة المنشورة. فبينما كانت الأخبار المحلية الدقيقة والمتوازنة هي محور الاهتمام الرئيسي لمحرري الصحف المطبوعة، علق محررو الصحف الالكترونية على حقيقة أنه لديهم جمهور غير تقليدي وجديد ينبغي المحافظة عليه. وكذلك لديهم مشكلة تتعلق بالمساحة مختلفة تماماً عن زملائهم في النشر التقليدي.
· الدراسة الميدانية
عرض وتحليل نتائج الدراسة
أولا: البيانات العامة للصحف الالكترونية السعودية
تصدر اليوم في المملكة ثماني صحف يومية مطبوعة باللغة العربية هي "البلاد" و"الندوة" و"المدينة" و"عكاظ" من المنطقة الغربية و"الرياض" و"الجزيرة" من المنطقة الوسطى و"اليوم" من المنطقة الشرقية و"الوطن"من المنطقة الجنوبية. وحيث لا يوجد لصحيفتي البلاد والندوة مواقع على الانترنت فقد استبعدت من الدراسة ووجد أن الست الصحف الأخرى قد وضعت مواقع الكترونية تختلف في قوتها وضعفها من صحيفة إلى أخرى، وكانت الجزيرة أولى هذه الصحف في الانتساب لنادي الانترنت وأخر المنتسبين كانت صحيفة المدينة (انظر جدول 5).
جدول (5) معلومات أساسية عن الصحف الالكترونية السعودية
الصحيفة | تاريخ إطلاق موقعها الالكتروني | عنوان الموقع |
الجزيرة | ابريل 1997 | http://www.al-jazirah.com/ |
الرياض | مارس 1999 | http://www.alriyadh.com.sa/ |
الوطن | نوفمبر 2000 | http://www.alwatan.com.sa/ |
عكاظ | يونيو 2001 | http://www.okaz.com.sa/okaz/ |
اليوم | ابريل 2002 | http://www.alyaum.com/ |
المدينة | يناير 2003 | http://www.almadinaonline.com |
ويلاحظ في بيانات الجدول(رقم 5) تتابع الصحف في وضع نسخها الالكترونية على شبكة الانترنت بواقع صحيفة كل عام تقريبا ، كما يلاحظ أن ثلاثا من هذه الصحف (الرياض، والوطن، عكاظ) سجلت لموقعها اسما بنطاق محلي .com.sa بينما اتجهت بقية الصحف لتسجيل اسم نطاق عالمي .com (أمريكي ) ورغم عدم وجود ايجابيات واضحة في طريقتي التسجيل هاتين إلا انه يمكن عزو الاتجاه إلى الأسماء العالمية إما إلى الرغبة في اختصار الاسم وإعطائه وجهة عالمية أو بسبب فقدان تسجيل الاسم محليا لصالح مؤسسة تحمل ذات الاسم ولكن تمارس نشاطا مغايرا. وفي أحيان أخرى قد لا يكون هناك هدف واضح للاتجاه للأسماء العالمية وان كانت رسوم تسجيل واستضافة الأسماء العالمية أكثر سهولة واقل تكاليفا منها في الداخل. والمحذور الوحيد من تسجيل الاسم خارجيا هو المغامرة بفقدان الاسم يوما ما خاصة عندما تغفل المؤسسة الصحفية تسديد الرسوم السنويّة الزهيدة لشركة Network solutions وهي مسئولة تسجيل الأسماء العالمية والمخولة حصريّا من الحكومة الأمريكية، كما حصل مع صحيفة المدينة عام 1998 حينما لم تستطع الاحتفاظ بالاسم وذهب إلى شركة تجارية.
ثانيا: دوافع الصحف السعودية نحو إطلاق نسخ الكترونية على الشبكة
بسؤال رؤساء تحرير الصحف السعودية الست بشكل مباشر عن دوافع صحفهم نحو الاتجاه نحو النشر على شبكة الانترنت وطلب منهم تحديد الأسباب مرتبة حسب الأهمية ضمن أربعة اختيارات محددة هي: انتشار الصحيفة، مواكبة التقنيات الحديثة، هدف تجاري، وتقديم خدمات أفضل للقراء وترك لهم مساحة مفتوحة لإضافة ما يعتقدون بأهميته. وقد جاءت " مواكبة التقنيات الحديثة" في المرتبة الأولى ويوضح جدول (6) قيمة المتوسط الحسابي للخيارات الأربع مرتبة حسب درجة أهميتها عند رؤساء التحرير.
جدول (6) دوافع إطلاق مواقع على الانترنت
الدوافع | العدد | المجموع | المتوسط الحسابي |
مواكبة التقنيات الحديثة | 6 | 18.00 | 3.0000 |
هدف تجاري | 5 | 13.00 | 2.6000 |
تقديم خدمات أفضل للقراء | 6 | 15.00 | 2.5000 |
انتشار الصحيفة المطبوعة | 6 | 15.00 | 2.5000 |
وفي المساحة المتروكة لرؤساء تحرير الصحف لبيان أية دوافع أخرى يرون أهميتها خلف نشر مواقع الكترونية لصحفهم تباينت هذه الدوافع ففي حين يرى رئيس تحرير جريدة الجزيرة إن من دوافع صحيفته للنشر على الانترنت هو "خدمة المواطنين والمبتعثين في الخارج وربطهم بأخبار المملكة" وهو شعور يمكن تفسيره برؤية الصحيفة لأهمية دورها الوطني وان كانت تمارس نشاطا تجاريا خاصا إلا أنها تستشعر دورها في مجال الخدمة العامة وهو ما يتفق مع الدافع الذي وضعه رئيس تحرير في المرتبة الأولى وهو "تقديم خدمات أفضل للقراء" كأهم سبب لإطلاق موقع "الجزيرة"الالكتروني ولم يشارك الجزيرة في أولوية هذا الدافع أي جريدة أخرى. وتتفق الرؤية بشكل غير مباشر مع صحيفة عكاظ التي ترى أن لها دورا إعلاميا للتعريف "بمنجزاتنا"، على أن صورة تحديد الاولويات المهمة لنشر الموقع الالكتروني لم تتضح على ما يبدو لدى جريدة عكاظ حيث اختارت الصحيفة كل الأسباب - عدا الهدف التجاري _ في مرتبة الأهمية الأولى وتم اعتبار السبب رقم 1 "مواكبة التقنيات الحديثة" لأنه الأكثر أهمية عند بقية الصحف وإهمال البقية من حيت الترتيب. وكان الهدف التجاري في المرتبة الأخيرة عند معظم الصحف (4 من 6) ربما قناعة بان الصحافة الالكترونية لم تتأهل بعد لتقديم نفسها كمنتج تجاري يحقق مواردا مالية مغرية القراء بالاشتراك والمعلنين بالإعلان عبرها (جدول 7). واهم ملامح استجابات رؤساء التحرير على هذا السؤال هو وضوح إلحاح التقنية على الصحف في المرتبة الأولى وما يتبع ذلك من ضغوط مالية (للتحديث ومتابعة الجديد) وفنية (الصيانة والإدارة) وبشرية (تأهيل العاملين)وهو مؤشر على أهمية إنشاء مؤسسات وطنية مشتركة بين المؤسسات الصحفية تستثمر في التقنية وتدرب الصحفيين على التعامل معها لتقليل النفقات وتوحيد الجهود.
جدول (7) ترتيب دوافع الصحف السعودية نحو إطلاق مواقعها على شبكة الانترنت
(1 الهدف الأهم 4 الهدف الأقل أهمية)
الصحيفة | مواكبة التقنيات الحديثة | هدف تجاري | تقديم خدمات أفضل للقراء | انتشار الصحيفة المطبوعة | دوافع أخرى |
الجزيرة | 3 | 4 | 1 | 2 | خدمة المواطنين والمبتعثين في الخارج |
الرياض | 1 | 4 | 3 | 2 | لا يوجد |
الوطن | 1 | - | 2 | 3 | لا يوجد |
عكاظ | 1 | 4 | - | - | خدمة قراء عكاظ دور إعلامي في الخارج |
اليوم | 3 | 1 | 2 | 4 | رؤية حضارية |
المدينة | 1 | 4 | 2 | 3 | استخدام قواعد البيانات لتوفير خدمة جديدة |
ثالثا: السياسات التحريريةالمتبعة في إدارة مواقع الصحف الالكترونية
"نطلع القاريء على مجريات الأحداث داخليا وخارجيا إلى جانب رسم كل ما من شأنه رسم المنهج الصحيح انطلاقا من وظيفة الصحافة في المملكة العربية السعودية". صحيفة عكاظ.
" نفس معايير نشر الأخبار في بالجريدة المطبوعة" صحيفة الجزيرة.
"معظم الأخبار والتحقيقات المنشورة بالجريدة" صحيفة المدينة.
"بدون إجابة" صحيفة اليوم.
" هناك ثوابت يتم تحميلها على الموقع وما عدا ذلك اختيارات وفق المعايير التي حددتها الأقسام التحريرية كل بحسب رؤيته" صحيفة الوطن.
" أن تكون تفاعلية – أن تكون مباشرة- متابعة الحدث اليومي" صحيفة الرياض.
ويرتبط بسياسة إدارة وإنتاج محتوى الموقع مدى وضوح الإجراءات الفنية المتبعة في تحديث المحتوى على الانترنت، وتكشف إجابات رؤساء التحرير عن عدم وضوح الرؤية حيث وردت إجابات ثلاث صحف عن تحديث المحتوى على مدار الساعة وهو أمر لا يلمسه زائر هذه المواقع وربما فهم المستجوبون مناوبات فرق عمل الأقسام الفنية بالصحف لأغراض التحديث والصيانة واستقبال البريد الالكتروني على أساس أنها جزء من العملية التحريرية للمواقع الالكترونية (جدول 8) وهذا أيضا يبين أن مجرد تحديث موقع أو مراقبته فنيا أو إضافة بعض الأخبار الموسمية (نتائج المدارس، التوظيف) يعد عند بعض الصحف كافيا بينما الملاحظة العلمية للمواقع تبين أن كل الصحف لا تحدّث مادتها الصحفية الرئيسية إلا مرة كل 24 ساعة.
جدول (8) دورية تحديث الصحف الالكترونية
الصحيفة | تحديث الموقع بحسب إجابات رؤساء التحرير |
الجزيرة | 3-4 مرات يوميا |
الرياض | على مدار الساعة |
الوطن | يوميا |
عكاظ | على مدار الساعة |
اليوم | يوميا |
المدينة | على مدار الساعة |
أيضا يخلط المبحوثون بين الإجراءات الفنية وطبيعة المحتوى وطريقة اختياره وهذه بعض الإجابات على هذا السؤال:
"استثمار كافة إخبار الصحيفة الورقية وكل ما يسري على الصحيفة الورقية يجري هنا مع إضافة عناصر جديدة". صحيفة عكاظ.
" بدون إجابة" صحيفة الجزيرة.
"نقل وتنسق المواد التحريرية بصيغة htmlدمج الصور- تحويل الجريدة الى pdf" صحيفة المدينة.
"تسير وفق آليات الدورة التحريرية المتبعة في الصحيفة"صحيفة الوطن.
"ننشر جميع المادة التحريرية الخاصة بالجريدة ثم نبدأ في تحرير الموقع الالكتروني عبر فريق تحريرنا يتناسق مع الفريق الفني" صحيفة اليوم.
"نسخ المواد التحريرية من نظام Macintoshإلى IBM– إدخال المواد مع الصور إلى البرنامج – ترتيب الأخبار حسب أهميتها- تحميل الموقع ومراجعته على الشبكة " صحيفة الرياض.
وضمن السياسة التحريرية يفترض أن يكون هناك رؤية واضحة لعدد الأبواب والصفحات الثابتة والمتغيرة في مواقع الصحف الالكترونية، ومن تحليل استجابات رؤساء التحرير يتبين عدم وجود معايير فنية للمقصود بالأبواب والملاحق على الطبعة الالكترونية، بحيث بالغت بعض الصحف في ذكر عدد الأبواب والصفحات على اعتبار أن كل ملف الكتروني صفحة وبعضهم ربما احتسب حتى عدد الصور التي تظهر الكترونيا ضمن الملفات في فهرس ملقم الخدمة (Server) وصحف أخرى احتسبت الأقسام الرئيسية دون الملفات الفرعية المصاحبة لها (جدول 9).
جدول (9) عدد الأبواب (الصفحات) الثابتة والمتغيرة في كل صحيفة
الصحيفة | عدد الأبواب (الصفحات) الثابتة | عدد الأبواب (الصفحات) المتغيرة |
الجزيرة | 7 | أرشيف 50 يوما |
الرياض | 45 | للمواقع الستة |
الوطن | 9 | 13 (بابا) |
عكاظ | 8 | 5 |
اليوم | ملاحق الجريدة | - |
المدينة | 100 | 500 |
ويندرج تحت السياسة التحريرية وضوح تقديم خدمات موقع الصحيفة على الشبكة وتكشف استجابات رؤساء التحرير أن الصحف الالكترونية تقدم فعلا خدمات أخرى غير المحتوى الصحفي اليومي وتتمثل في أرشيف الأعداد السابقة وقواعد بيانات بمحرك بحث وتوفير روابط على مواقع أخرى ، وكل الصحف تقريبا تقدم خدمات تفاعلية من وجهة نظر رؤساء التحرير بينما أشارت صحيفة المدينة إلى أن الموقع تجريبي لا يقدم خدمات أخرى في الوقت الحاضر. ورغم أن التفاعلية عبر الانترنت تعني تمكين القاريء من استخدام وسائط تسمح له بالتواصل مع الصحيفة وكتابها عن طريق غرف الحوار الفورية، ومنتديات النقاش، و أقلها خدمة البريد الالكتروني التي توفرها كل الصحف كجزء من الطبيعة الاتصالية لشبكة الانترنت. ولكن بملاحظة مواقع الصحف السعودية يمكن القول بأن الصحيفة الوحيدة التي تولي جانب "التفاعلية" بمفهومها التقني أهمية واضحة هي صحيفة الرياض حيث توفر للكتاب والقراء فرصة التواصل والحوار على موقعها الالكتروني ضمن ما تسمية الصحيفة بمنتدى الكتاب كما أن الصحيفة أطلقت تجربة جريئة في مجال المنتديات الحرة باسم الصحفي الالكتروني ولكن التجربة أجهضت نتيجة كتابات غير مسئولة من قبل الزوار مما دفع بالصحيفة إلى إلغاء هذه الخدمة.
وتتضح صورة أخرى من عدم وضوح الآليات الفنية لمتابعة زوار الصحف وأعدادهم عند الصحف حيث يبدو من إجابات رؤساء التحرير غير المتعمقة أن هذا الموضوع لا يشكل أولوية مهمة ربما قناعة بأن العدد الذي يزور مواقع الصحف لا يعني شيئا من الناحية التجارية والتسويقية ويتبين كذلك من إجابات رؤساء التحرير عند سؤالهم عن تأثير الصحيفة الالكترونية على الصحيفة المطبوعة حيث ذكر خمسة بان لا تأثير يذكر والسادس أشار إلى أن التأثير ضعيف وكذلك من حجم الإعلانات التي أبدى 3 من 5 رؤساء تحرير عدم رضاهم عن حجم الإعلانات في الموقع الالكتروني.
رابعا: علاقة الصحيفة المطبوعة بالصحيفة الالكترونية
رغم أن هناك أسئلة مباشرة حول طبيعة العلاقة بين الصحيفتين والتي أكد الجميع وجودها إلا أن استعراض مجمل أراء رؤساء التحرير وبملاحظة واقع النشر الالكتروني للصحف السعودية يمكن الجزم بان العلاقة بين الصحيفتين أو النسخة الالكترونية والمطبوعة علاقة تلازم عضوي، والطريف أن 4 من 6 رؤساء تحرير يرون أن الصحيفة الالكترونية ساعدت على انتشار الصحيفة المطبوعة ولن تحل محلها في المستقبل, و لكن حاجة الصحيفة الالكترونية أكثر للصحيفة المطبوعة حيث يبدو أنها لا يمكن أن تعيش دونها ويمكن ملاحظة ذلك وفقا للاعتبارات التالية:
· من الناحية المالية ولا يمكن الجزم بوجود نسخة الكترونية من الصحف اليومية تمول نفسها من الاشتراكات (لان كل الصحف تقدم خدماتها مجانا) أو من موارد الإعلان الذي لا يكاد يظهر في اغلب مواقع الصحف الالكترونية وان ظهر فبصورة ضعيفة لا يمكن أن تضيف لموارد الصحيفة شيئا يذكر، كما أن مصاريف الفنيين والبرمجيات والأجهزة اللازمة لإنتاج وتحديث الموقع الالكتروني كلها تؤخذ من مصادر النسخة الورقية.
· من الناحية الإدارية والتحريرية فكل رؤساء تحرير النسخ الورقية هم بالضرورة رؤساء تحرير النسخ الالكترونية وتتصدر أسماؤهم مواقع هذه الصحف، أما المادة التحريرية فتكشف الدراسة أن الصحف الالكترونية عالة على النسخ المطبوعة من حيث الإمداد اليومي بالأخبار والصور وجل المادة التحريرية اليومية.
وتتضح هذه العلاقة وقوتها عند الطلب من رؤساء التحرير تحديد قوة العلاقة وفق مقاييس تضع العلاقة متدرجة بين قوية جدا إلى ضعيفة جدا حيث يشير 3 من رؤساء التحرير إلى أن هذه العلاقة قوية جدا بينما يتصور رئيس تحرير صحيفة عكاظ بان العلاقة ضعيفة (جدول 10) ويحدد أوجه العلاقة في نقل الخبر والمعلومة إلى القاريء وهو ما "يربط الصحافة المحلية بالشبكة سواء القاريء المحلي أو القاريء خارج الوطن العربي".
ويحدد رئيس تحرير جريدة الجزيرة علاقة الصحافة بالانترنت في "إرسال وتبادل المعلومات والصور ويستقى منها بعض المعلومات"، ويرى رئيس تحرير جريدة الرياض بان العلاقة تتمثل في كون الانترنت مصدرا إخباريا وهو ما يتفق معه رئيس تحرير صحيفة المدينة، ويرى رئيس تحرير صحيفة الرياض أيضا بأن الشبكة تعد وسيلة للمساعدة في التعرف على توجهات المستخدم. أما رئيس تحرير جريدة اليوم فيرى الوضع بشكل مختلف حيث يقول بأن " العلاقة لازالت مضطربة، محليا متجاوزة عالميا" محذرا من أن السنوات القادة هي التي ستحسم هذا الاضطراب.
(جدول 10) علاقة شبكة الانترنت بالصحافة المحلية
العلاقة | التكرار | ٪ |
قوية جدا | 3 | 50.0 |
قوية | 2 | 33.3 |
ضعيفة | 1 | 16.7 |
المجموع | 6 | 100.0 |
خامسا:استقلالية الصحف الالكترونية عن الصحيفة المطبوعة
في ضوء النتائج التي تم عرضها سابقا ومع تحليل استجابات رؤساء التحرير تكشف الدراسة أن الصحيفة الالكترونية بمفهومه العلمي غير موجودة في فضاء النشر الالكتروني الذي ترعاه الصحف السعودية اليومية. كما إن النسخة الالكترونية من الصحف المطبوعة تعتمد كليا على روح وسمعة النسخة الورقية. ومن نتائج الدراسة نكتشف أن الصحف تضع على موقعها على الانترنت نفس المحتوى المخصص للمطبوعة اليومية وتختصره أيضا، كما أن الصحيفة الالكترونية لازالت جسما إداريا متصلا بشكل كامل بالصحيفة اليومية المطبوعة ويكتب لها وفيها نفس الكتاب والصحفيين، ومن حيث الشكل تتقيد معظم الصحف بنفس ترويسة الطبعة الورقية وترتيب الأبواب و أساليب إبراز أهمية الموضوعات المختلفة.
ورغم أن 4من 6 صحف تزعم تخصيص محتوى خاص بشكة الانترنت إلا ن تتبع وتحليل المواقع لا يكشف عن شيء ذي قيمة. وحتى الذين اختاروا (تخصيص) محتوى خاص للموقع الالكتروني لم يوضحوا عند سؤالهم مباشرة عن معايير اختيار المحتوى للنسخة الالكترونية بل أكدوا في التبرير الاعتماد على ما هو متوفر للنسخة المطبوعة.
ويوضح جدول (11) الصورة العامة لإدارة وإنتاج المواقع الالكترونية في الصحف السعودية وفيه يتضح حجم ووجود الصفيين للموقع الالكتروني، ومكان تصميم موقع الصحيفة 0داخل الصحيفة بامكاناتها أم خارجها) كذلك يتبين أن كل الصحف لديها إدارة متفرغة لمتابعة وتحديث الموقع الالكتروني وان كانت الخشية أن الصحف تعتبر أقسام الحاسب الآلي التي توفر الدعم الفني للصحيفة بكاملها هي أيضا إدارة فنية للموقع الالكتروني. ويتبين من الجدول مدى وجود قسم فني خاص لتطوير الموقع من عدمه ويلاحظ أيضا أن من بين الصحف الست لا يوجد مقدم خدمة serverإلا في صحيفتين.
جدول (11) الصورة العامة لإدارة وإنتاج المواقع الالكترونية
الصحيفة | صحفيون مخصصون للموقع الالكتروني | مكان تصميم موقع الصحيفة | وجود إدارة متفرغة لمتابعة وتحديث الموقع | وجود قسم فني خاص لتطوير الموقع | مقدم خدمة server داخل مقر الصحيفة | خطط تدريب على الصحافة الالكترونية |
الجزيرة | نعم (5 صحفيين) | داخل مقر الصحيفة | نعم | نعم | لا يوجد | نعم |
الرياض | نعم | داخل مقر الصحيفة | نعم | نعم | لا يوجد | نعم |
الوطن | نعم | داخل مقر الصحيفة | نعم | نعم | لا يوجد | نعم |
عكاظ | نعم (5 صحفيين) | شركة خاصة | نعم | نعم | نعم | نعم |
اليوم | نعم (عدد 2) | داخل مقر الصحيفة | نعم | نعم | نعم | لا توجد إجابة |
المدينة | شركة خاصة | نعم | نعم | لا يوجد | نعم |
ووفقا لمجمل المعطيات يمكن أن نحدد ابرز المظاهر التي تدلل على عدم استقلال شخصية الصحيفة الالكترونية عن المطبوعة:
أولا: لا زالت الصحيفة الالكترونية من حيث المصروفات المالية عالة على ميزانية الصحيفة المطبوعة حيث لا تحقق موارد تذكر لتستقل ماليا.
ثانيا: لم تتضح لدى الصحف حتى الآن سياسة تحريرية واضحة فيما يخص بمحتوى المواقع الالكترونية واليات الاختيار والتحديث ناهيك عن دوافع إطلاق هذه المواقع.
ثالثا: لا زالت الصحيفة المطبوعة تطغى بتقاليدها المهنية على وصيفتها الالكترونية ويبدو ذلك جليل في الشكل الخارجي والقوالب الصحفية المستخدمة.
رابعا: لا يوجد نسخة الكترونية من بين الست التي أطلقتها الصحف المطبوعة تتمتع بجهاز إداري منفصل تماما عن الصحيفة المطبوعة وحتى الطاقم الصحفي المخصص في بعض الصحف لإدارة وتحرير الموقع الالكتروني يساهمون في إنتاج صفحات منتظمة الصدور للصحيفة المطبوعة تتحدث شئون التقنية والانترنت.
سادسا:ابرز معوقات قراءة الصحافة الالكترونية
سئل رؤساء التحرير الصحف السعودية اليومية سؤلا مباشرا عن ابرز معوقات قراءة الصحافة الالكترونية من وجهة نظرهم ورغم تفاوتت الإجابات إلا أن أحدا منهم لم يقرر عدم وجود عوائق في حين احتلت مشكلة "ارتفاع أسعار اشتراكات الانترنت" و "ارتفاع تكلفة الاتصال الهاتفي بالانترنت" المرتبة أولى بالتساوي كأحد أهم معوقات قراءة الصحافة الالكترونية باتفاق 4 رؤساء تحرير من ستة في حين توزعت إجابات الباقين حول الصعوبات إلى محدودية معرفة الجمهور باستخدام الكمبيوتر(3 من3 ) و ارتفاع أسعار أجهزة الحاسب الآلي بنسب ضئيلة.
وحين ترك لرؤساء التحرير مساحة حرة لإضافة رؤاهم حول معوقات قراءة الصحافة الالكترونية وردت بعض الآراء على النحو التالي:
"إقبال معظم مستخدمي الانترنت على المواقع التفاعلية مثل المنتديات...أكثر من قراءة الأخبار، محدودية معرفة الجمهور بالحاسب، معظم جمهور الانترنت من الشباب بين 14-24 وهم لا يهتمون كثيرا بالقراءة" صحيفة عكاظ.
"عدم دعم الشركات الكبرى لجمهور، وذلك بعدم تقديم خدمات أفضل وتوعية الجمهور للاستفادة من الانترنت بطرق أفضل" صحيفة المدينة.
" ارتفاع سعر (اشتراكات) الانترنت " صحيفة الجزيرة.
"نحتاج إلى دعم كل الجهات الإعلاميين و الاتصالات وكل مقدمي خدمات التقنية الحديثة" صحيفة اليوم.
" محدودية معرفة الجمهور بالانترنت، وارتفاع تكلفة الاتصال الهاتفي " صحيفة الرياض.
و من مجمل استجابات رؤساء التحرير ومما ذكر في الأجوبة المفتوحة يمكن تلخيص معوقات قراءة الصحف على الانترنت على النحو التالي:
- معوقات فنية من حيث معلومات الجمهور عن الحاسبات والانترنت، وضعف الدعم الفني.
- معوقات بشرية من حيث صغر سن جمهور الانترنت (سكان المملكة) وانصرافهم عن القراءة وجذب المواقع التفاعلية لهم مثل المنتديات وغرف الحوار.
- معوقات متنوعة من حيث شبكة بطء شبكة الاتصالات وارتفاع تكلفة الاشتراك والاتصال بالانترنت.
سابعا: مستقبل الصحافة الالكترونيّة
هناك تلازم ملحوظ في كثير من أدبيات الإعلام والصحافة الالكترونيّة يربط بين مستقبل الصحافة المطبوعة وتهديد الصحافة الالكترونية لها ، حيث يرى أصحاب هذا الاتجاه أن ازدهار هذه (الالكترونية) يعد تهديدا لتلك (المطبوعة). ومن استقراء نتائج هذه الدراسة يبدو أن رؤساء التحرير السعوديين لا يرون في الصحافة الالكترونية مهددا للصحافة المطبوعة وان لا تأثير ملحوظ من الصحيفة الالكترونية على مقروئية الصحيفة المطبوعة (جدول 12).
(جدول 12) أراء رؤساء تحرير الصحف السعودية في تهديد الصحافة الالكترونية للمطبوعة
هل ستحل الصحيفة الالكترونية محل المطبوعة؟ | هل أثرت الصحيفة الالكترونية على مقروئية الصحف المطبوعة؟ | ||||
مدى الموافقة | التكرار | ٪ | التأثير | التكرار | ٪ |
أرى ذلك | 1 | 16.7 | تأثير ضعيف | 1 | 16.7 |
لا أرى ذلك | 4 | 66.7 | ليس له تأثير | 5 | 83.3 |
لا أرى ذلك إطلاقا | 1 | 16.7 | |||
المجموع | 6 | 100.0 | المجموع | 6 | 100.0 |
وبقلب هذه النتيجة يمكن القول بأن الصحف الالكترونية ستضل موجودة إلى جانب الصحافة المطبوعة ولكن دون تطور ملحوظ خاصة من حيث الموارد المالية، ويزد الإشكالية ارتفاع نسبة الشباب الذين يشار إليهم عادة حتى في الدول المتقدمة أنهم اقل اهتماما بقراءة الصحف المطبوعة بشكل خاص و كذلك الالكترونية.
وفي سؤال مباشر مفتوح عن مستقبل الصحافة الالكترونية في المملكة العربية السعودية تراوحت إجابات رؤساء التحرير بين متفائلة بمستقبل جيد ومرضي (رؤساء تحرير المدينة والرياض واليوم ) وبين من يرى أهمية زوال لعوائق أولا(رئيسي تحري عكاظ والمدينة) وبعدها ستجد الصحافة الالكترونية نفسها في وضع أفضل.
و يخطط رؤساء التحرير بحسب ما ورد في استجاباتهم لاجتذاب القراء والمعلنين للمواقع الالكترونية بإتباع العديد من الأساليب التي يرون إنها ستساهم في مستقبل أفضل للصحف الالكترونية(انظر جدول 13) والقاسم المشترك بين الصحف لاجتذاب القراء هو الحملات الترويجية والتوسع في الخدمات التفاعلية.
جدول (13) أساليب تشجيع المعلنين والفراءفي خطط الصحف المستقبلية
الصحيفة | أساليب تشجيع الفراء | أساليب تشجيع المعلنين |
الجزيرة | الإعلان عن الموقع – المشاركة في المناسبات والأحداث الوطنية (نتائج الامتحانات، المهرجانات) | بتكيف تشجيع القراء على تصفح الموقع |
الرياض | تطوير الموفع | عروض خاصة |
الوطن | إضافة منتديات تفاعلية | -- |
عكاظ | البث المبكر-الترويج عبر الصحيفة الورقية-خدمات جديدة –إضافة منتديات حوار | الإعلان المجاني للمعلنين الكبر لفترة محددة –تزويد العملاء بإحصائيات لزوار الموقع-تزويد العميل بإحصائيات بعدد من انتقل من موقع الجريدة إلى موقع المعلن |
اليوم | إضافة منتديات – محتوى خاص بالانترنت | عروض خاصة تنشر عبر الصحيفة المطبوعة |
المدينة | ترويج الموقع عبر الصحيفة المطبوعة –حملات ترويجية تتضمن مسابقات واشتراكات | تخصيص مساحات إعلانية وتقديمها بعروض خاصة للمعلنين |
وخلاصة القول إن مستقبل الصحافة الالكترونية في المملكة لا يمكن فصله عن مستقبل الصحافة عموما ودورها في المجتمع، وتتشابه هواجس رؤساء التحرير في المملكة مع نظرائهم في كثير من بلدان العالم في ظل التقدم التقني الذي لا يتوقف ومنافسة الوسائل الجديدة للصحافة المطبوعة والالكترونية، وفي المملكة تعد معوقات استخدام الانترنت احد أهم العقبات التي تواجه الصحافة الالكترونية سواء من حيث أمية التقنية، وارتفاع أسعار الاشتراكات والاتصال بالانترنت ناهيك عن المنافسة الوافدة من كل مكان.
وفي سبيل مستقبل أفضل للصحف المطبوعة فان رؤساء التحرير يجمعون على وجود خطط لديهم لتدريب الصحفيين على الصحافة الالكترونية ، و لكنهم ضمن الإجابات على السؤال المفتوح يضعون العديد من مواصفات صحفي المستقبل الذي سيعمل في الصحافة الالكترونية وأهمها : القدرة على التعامل مع الحاسب الآلي والانترنت، التخصص الإعلامي، معرفة احتياجات متصفح الانترنت، معرفة فنون الإخراج الالكتروني، إتقان برامج التحرير الشهيرة لتسهل له عمله.
توصيات الدراسة
يتبين من خلال استعراض مجمل نتائج الدراسة حاجة الصحف السعودية الماسة إلى تقويم تجربة النشر الالكتروني على الانترنت وإعادة رسم الأولويات وتحديد الأهداف حيث من الواضع أن عامل الربح لم يعد محل نقاش الآن بعد القناعة الإجبارية أن الانترنت بوضعها الحالي ووفق التنوع وثقافة المجانية التي أتت بها معها لن تشجع القراء على دفع رسوم وبالتالي لازال المعلن في حيرة وسط غموض سوق الانترنت وجدوى الإعلان عبر الصحف الالكترونية، ولعل هذا يتضح بشكل مباشر من ورود "الهدف التجاري" أسفل قائمة دوافع الصحف السعودية لإطلاق مواقعها الالكترونية. ولكن من المهم بالنسبة للصحف السعودية أن تواصل تجريب ذاتها عبر الانترنت حتى تكتسب الخبرة ويتأهل الصحفيون للتعامل مع تقنيات الاتصال والبث عبر الانترنت استعدادا للمستقبل ومن وحي نتائج الدراسة يمكن إيراد الوصيات التالية:
- تحديد أهداف واضحة من النشر عبر الانترنت ومن ثم رسم الخطط لتحقيق هذه الأهداف وفق خطط زمنية بحيث يعطى للتجربة مداها الزمني اللازم حتى تترسخ تقاليد معرفية واستهلاكية جديدة في أذهان الأجيال الجديدة تجاه الصحافة الالكترونية.
- إرساء مفاهيم إدارية وتحريرية خاصة بالنسخ الالكترونية من الصحيفة من حيث دورة المادة الصحفية وشكلها الفني ومعايير اختيار المحتوى مع أهمية الفصل تدريجيا بين سياسة التحرير المتبعة مع الصحيفة المطبوعة و ما ينبغي إن تكون عليه إجراءات إنتاج وإصدار المحتوى الالكترونية الذي يصل إلى الناس عبر وسيط مفتوح على كل من له اتصال بشبكة الانترنت من مختلف المشارب والثقافات ويوصى في هذا المجال بتذكر قاعدة " تصرف محليا ولكن فكر عالميا" (Think globally act locally).
- الانترنت وسيلة عالمية وجدت لتبقى لذا على مسئولي الصحف اخذ موضوع الصحف الالكترونية بالجدية التي تستحقها حيث يتبن من إجابات بعض مسئولي الصحف عدم الإلمام ببعض المفاهيم والمصطلحات المتعلقة بصلب النشر الالكتروني، وعدم وضوح الرؤية المهنية والإدارية فيما يتعلق ببعض شئون الصحافة الالكترونية.
- الاهتمام بتوظيف أسرار جاذبية الانترنت لملايين الناس حول العالم من حيث زيادة الخدمات التفاعلية ، جاذبية وتناسق الموقع (شكلا ومضمون) ، تقديم الخدمات المجانية هذه مع غيرها ستساهم في ترسيخ صورة ذهنية ايجابية عن مواقع الصحف السعودية على الشبكة.
- التوسع في برامج وخطط تطوير مواقع الصحف واستراتيجيات تدريب العاملين على المواقع مع زيادة الخدمات ذات السمة الجماهيرية مثل خدمات البريد الالكتروني المجاني، تحميل برامج مجانية معينة وكل هذه ستساهم ولا شك في اجتذاب المزيد من القراء.
- عمل خطط تمكن النسخة الالكترونية والعاملين عليها من الاستقلال التدريجي عن الصحيفة المطبوعة وإعطائهم صلاحيات نشر محتوى خاص بالموقع وتشجيع الإعلان و واستنباط أساليب جديدة لجذب المزيد مع القراء.
- تبني نشر التقنية وتطبيقات الانترنت في المجتمع والمساعدة في اقتراح حلول مناسبة للتخفيف من نسبة أمية التقنية، وتسليط الضوء على آثار ارتفاع أسعار خدمات الانترنت في المملكة مقارنة بغيرها في الدول المجاورة.
- إجراء دراسات متعمقة عن واقع سوق الصحف السعودية الالكترونية بهدف كشف نقاط القوة والضعف في هذا السوق وتحديد ابرز المعوقات التي تعترض قراءة الصحف السعودية المتواجدة على الشبكة.
- دعم جهود العمل الجماعي والمشاريع المشتركة بين الصحف السعودية وتبادل الخبرات في مجال تطبيقات الانترنت في النشر اليومي، والعمل على إنشاء مراكز تدريب صحفية حديثة تشترك في تمويلها المؤسسات الصحفية بحيث يمكن من خلال هذه المراكز تركيز النفقات فيما لابد منه.
- نظرا لأهمية العنصر البشري في ترسيخ مفهوم الصحافة الالكترونية وتقديم صحف الكترونية منافسة عبر فضاء الانترنت المفتوح فمن المهم تأهيل الكوادر البشرية عن طريق:
· دعم أقسام الإعلام في الجامعات السعودية بتمويل كراسي برامج تدريس مخصصة للصحف الالكترونية.
· تقديم منح دراسية في الداخل والخارج للمتميزين من طلاب الإعلام وتوجيههم نحو دراسات الصحافة الالكترونية وتطبيقات الانترنت في مجال الإعلام.
· التعاون مع مؤسسات التدريب المختلفة والجامعات لتدريب الصحفيين على راس العمل في حلقات دراسية وورش عمل حول مختلف القضايا المرتبطة بوسائل الإعلام الجديدة.
- نظرا لانشغال كثير من الصحف بقضية توظيف التقنية وتسارعها فان الدراسة توصي الصحف السعودية بالاهتمام بالمحتوى (المحتوى هو الملك)، حيث أن الصحف على الانترنت تتنافس في بيئة حرة وثرية يجد معها المتصفح نفسه في خيارات وإغراءات غير محدودة، ولا مكان للصحف التي لا تواكب هذه النقلة بمحتوى يتمتع بالعمق والمصداقية والقدرة على جذب المتصفح للعودة لزيارة الموقع مرة أخرى.
· المراجع
اولا: المراجع العربية
· الجبرين، عبد الله(1423) السوق السعودي لتقنية المعلومات أسرع الأسواق نمواً في الشرق الأوسط جريدة الرياض عدد (12572) الجمعة 17 رمضان 1423هـ
· الحمود عبد الله: العسكر، فهد (2002) إصدارات الصحف السعودية المطبوعة على الإنترنت في ضوء السمات الاتصالية للصحافة الإلكترونية -دراسة تقويمية- القاهرة: المؤتمر العلمي السنوي الأول لأكاديمية أخبار اليوم: "الصحافة وآفاق التكنولوجيا"القاهرة 2002.
· الشامخ، عبد الرحمن (1981) نشأة الصحافة في المملكة العربية السعودية الرياض: دار العلوم.
· الشهري، فايز (2003) الصحافة الإلكترونيّة: مدخل إلى الأسس والمفاهيم، كتاب تحت الطبع.
· شيلر، دان (2002 ) الاتصال قطاع صناعي مثل غيره، باريس: مجلة Le Monde Diplomatique عدد ايار/مايو .2002 .
· طرازي، فيليب (1929) تاريخ الصحافة العربية بيروت: دار صادر
· العربي، عثمان (2002) الإنترنت: الانتشار والاستخدام في المملكة العربية السعودية. ورقة بحثية مقدمة لمؤتمر "ثورة الاتصال والمجتمع الخليجي: الواقع والطموح" 22 مسقط -24 أبريل 2002م.
· العسكر، فهد (1424هـ) تطور الصحافة السعوديّة في عهد خادم الحرمين الشريفين 1402-1423هـ، كتاب تحت الطبع، الرياض، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
· العسكر، فهد: الشهري، فايز (2003) اتجاهات الصحفيِّين نحو مستقبل الصحافة المطبوعة في عصر الانترنت:بحث معد للمؤتمر العلمي السنوي الثاني لأكاديمية أخبار اليوم: "الصحافة وآفاق التكنولوجيا"القاهرة 2003 ( غير منشور).
· عواطف ، عبد الرحمن (1989) دراسات في الصحافة العربيّة المعاصرة بيروت: دار الفارابي.
· القرني، علي شويل، (2002) الخطاب الإعلامي- العربي والسعودي نموذجا ، الرياض: مطبعة الجريد.
· اللبان، شريف درويش، (2001) تكنولوجيا النشر الصحفي: الاتجاهات الحديثة، القاهرة: الدار المصرية اللبنانية.
· لقمان، فاروق(1997) هشام ومحمد علي حافظ: تدويل الصحافة العربية، جدة: الشركة السعودية للابحاث والتسويق.
· المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ( 1991) الثورة التكنولوجية ووسائل الاتصال العربية، تونس: إصدارات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.
· هيكل، محمد حسنين (1985) بين الصحافة والسياسة ، بيروت: شركة المطبوعات للنشر والتوزيع ط6
ثانيا: المراجع الإنجليزية
- Alshehri, Fayaz A. (2000) Electronic Newspapers on the Internet: A study of the production and consumption of Arab dailies on the World Wide Web. Ph.D. Thesis, Department of Journalism Studies, University of Sheffield.
- Alterman, J. (1998) New Media, New Politics? From Satellite Television to the Internet in the Arab World, The Washington Institute for Near East Policy.
- Boyd, D(1999). Broadcasting in the Arab World. Ames, Iowa: Iowa State University Press.
- Mowlana H. (1998) Media Ecology: Challenges and Opportunities in the Age of Globalization. Seminar paper at the Center for Contemporary Arab Studies at Georgetown University -November 19:
- Robson, C. (2002) Real World Research, 2nd edition: Oxford, Blackwell Publishers Ltd.
- Rugh, A.W. (1987) The Arab Press, 2 edn. Syracuse University Press.
- Schleifer, A. (1998) Media Explosion in the Arab World: The Pan-Arab Satellite Broadcasters [Internet]. Transnational Broadcasting Studies (Electronic Journal) Fall (1): Available from: <http://www.tbsjournal.com/html/pan-arab_bcasters.html> Accessed 10 October 1998.
- Shapiro, A.(1999) The Control Revolution, New York: A century Foundation Book PublicAffaiers.
- Singer, J., Tharp, M. and Haruta, A. (1998) Superstars or Second-Class Citizens?: Management and Staffing Issues Affecting Newspapers' Online Journalists. AEJMC: Newspaper Division.
- UNDP (United Nations Development Programme ) (2002) Arab Human Development Report 2002.
- Walter, A(2000). Mass Mediations: New Approaches to Popular Culture in the Middle East and Beyond. Berkley, California: University of California Press.
[1] هما الدكتور/ حمزة بيت المال أستاذ الإعلام المشارك بجامعة الملك سعود، والدكتور/ عادل مرداد أستاذ الإعلام المساعد بمعهد الدارسات الدبلوماسية
[2] بدأت هذه المرحلة عام 1350هـ - إبريل 1932م بصدور صحيفة صوت الحجاز (البلاد حاليا) كأول جريدة أهلية
1تدعي صحيفة الأيام الفلسطينية وجودها على الإنترنت منذ شهر ديسمبر عام 1995، إلا أن سجلها لدى شركة Network Solutionيشير الى أنها بدأت باسمها الحالي في 8/6/1996 (أنظر الجدول رقم 17).